-A +A
حاورته: راوية حشمي (هاتفيا ــ باريس)
أعرب رئيس المجلس الوطني السابق، عضو الائتلاف الدكتور برهان غليون، عن اعتزاز الشعب السوري والأمة العربية بموقف المملكة التي رفضت لعب دور شاهد الزور في أروقة المجتمع الدولي وتمنى على الدول العربية أن تحذو حذو المملكة برفضها لعب أدوار شهود الزور، ويجب وضع حد للدول الكبرى التي تعتبر العالم فريسة ويحق للكل تقطيعه أجزاء.
غليون وفي حوار مع «عكاظ» طالب الدول العربية أن تحذو حذو المملكة لجهة موقفها الرافض قبول عضوية مجلس الأمن.

وانتقد غليون تصريحات رئيس النظام السوري ضد المملكة، مشددا على أنه إذا كان هناك من إرهابي واحد في كل المنطقة العربية وفكره رديف للأرهاب وهو من يستقطب الإرهاب، فإنه بشار الأسد نفسه، فنظامه قائم على إرهاب شعبه وعلى إرهاب الدول المحيطة به ونحن لم نفاجأ بمواقفه فقد اعتاد هذا النظام على اعتقال العالم بتهم الإرهاب.
وحول موقف المعارضة من المشاركة في جنيف2 وتأكيد المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي بأن لا جنيف2 بدون تمثيل المعارضة وبين مطلب النظام بعقد المؤتمر بمن حضر، هل تتفق المعارضة السورية مطلع نوفمبر وتحسم أمر مشاركتها،
أفصح غليون قائلا: الأمور ليست محسومة حتى اليوم، وإن لم تحضر المعارضة فليس لجنيف2 أو غيره من المؤتمرات أي قيمة على الإطلاق، وكلام الأسد صادر عن إنسان لا يتمتع بصفات الإنسان وهو العقل، فالقول بعقد المؤتمر بمن حضر، يعني أن ليس هناك مؤتمر، فكيف يحضر هو وجماعته ليجدو حلا لأزمة يتواجه فيها مئات الآلاف من المقاتلين مع نظام دموي؟ هذا الكلام لا يصدر إلا عن شخص مريض.
وبشأن الخلافات التي تظهر على السطح بين أعضاء المعارضة وانعكاس ذلك على الثورة وأهدافها المستقبلية أكد غليون أن المعارضة السورية تستحق فعلا الانتقاد المباشر كما تستحق الإدانة على أدائها السيئ في إدارة أبسط شؤونها وأهدافها، ولكن إن كنا واقعيين، نرى أن انقسامات المعارضة حول موضوع جنيف2 بشكل خاص هي نتيجة طرح العملية في عقد جنيف2، غير الواضح أو محدد المعالم، لم توضع له حتى اليوم خارطة طريق، لم توضع له رؤية، ولا جدوى، والهدف منه فقط كما نقرأ كمعارضة هو إضاعة الوقت على السوريين، والهدف منه أيضاً الهروب من المسؤولية تجاه الشعب السوري وقضيته، المشكلة ليست في المعارضة السورية رغم الخلافات، المشكلة الحقيقية تكمن بطبيعة مؤتمر جنيف2 الذي يراهن على الحل السلمي بدون أية أجندة أو تحضيرات مسبقة، وبدون خارطة طريق، وبدون أي التزام جدي من قبل الدول الكبرى باتجاه إيجاد حل للازمة، ما عدا الخطوط العريضة. وهذا أساس المشكلة الجوهري وليس ضعف المعارضة.
وشدد غليون على أن رفض أو مشاركة المعارضة في مؤتمر جنيف2 تقرره الهيئة العامة للائتلاف، ولكن كلمة رفض أو قبول المشاركة بجنيف هو الفخ الذي يحاك للمعارضة، المفروض أن جنيف 2 هو الوسيلة من أجل إيجاد الحل للأزمة السورية، ولكي يحافظ على هدفه يجب أن ينضج، وغير مقبول مطالبتنا بالقبول أو الرفض، انتظار موقف المعارضة من جنيف2 ليس عملا سياسياً، فلينضج مشروع جنيف2 أولا ومن ثمة نتحدث عن إمكانية جلوس المعارضة مع طرف من أطراف النظام من أجل الخروج من هذا المأزق.
وأوضح المعارض السوري غليون أن إصرار المجتمع الدولي على عقد جنيف2 في هذا التوقيت سببه يندرج في خانة المخاوف من الفوضى ومن المستقبل، وبسبب تخاذل الدول الكبرى والمجتمع الدولي عن لعب دورها الحقيقي في الأزمة من أجل حماية الشعب السوري، ومن أجل التخلص من عقة الذنب، فقررت عقد جنيف 2 من أجل وضع المسؤولية على السوريين أنفسهم.
ونفى غليون ما تردد عن تحذيرات أو تهديدات تلقتها المعارضة السورية من المعارضة العسكرية في حال شاركت بجنيف2 قائلا: شخصيا لم أتلق مثل هذه التهديدات، ولكن لا أنفي أن فصائل عسكرية كثيرة عبرت عن مخاوفها وشكوكها من نتائج مؤتمر جنيف2 وهذا حقا طبيعي لها، وبدل الوقوف على الخلاف بين المعارضة والفصائل العسكرية يجب تقديم المساعدة بما أن العالم يلعب دور المسهل والوسيط، فليساعدوهم على إيجاد موقف مشترك وذلك لا يكون إلا عبر تطوير صورة جنيف2، وليس بوضعهم الدائم أمام التحدي وإلزامهم بالقبول أو الرفض من دون مناقشة. والنظام استغل ثغرة الخلاف بين المعارضة فأبدى قبوله السريع لحضور جنيف2، علما أنه أكد في الوقت نفسه عبر رأسه بشار الاسد أن جنيف 2 من الصعب أن يعقد، هو لا يريد أن يفتح أفقا للحل السياسي وما زال مستمرا بحلوله العسكرية أي بقتل وضرب الشعب السوري، المشكلة الحقيقية هي في نهج النظام الإرهابي وليس في انقسام المعارضة سياسياً، كما ليست المشكلة بتاريخ عقد المؤتمر.
واعترف برهان غليون بأن المعارضة لم تقم بأية خطوة من أجل أن تثبت للعالم قدرتها على تحمل المسؤولية بل أظهرت العكس تماماً ولكن هذا لا يبرر تخاذل المجتمع الدولي الذي أوصل المعارضة لتكون على هذه الصورة، المجتمع الدولي حجب كل الوسائل الممكنة عن المعارضة التي تجعل منها كتلة سياسية قادرة على إمساك زمام الأمور، والمسؤولية تقع أيضا على عاتق كل الدول التي تدعي أنها صديقة للشعب السوري. كيف للمعارضة أن تواجه المحور الشيطاني الأكثر دكتاتورية وشمولية من روسيا إلى إيران مرورا بالصين؟ المعارضة لا يمكنها مواجهة هذا المحور إلا بدعم حقيقي وكامل من الدول الكبرى. الدعم الذي تلقته المعارضة هو دعم سخيف وباهت وخجول وليس على مستوى الحرب الإقليمية التي أعلنتها الدول الكبرى ضد الشعب السوري.
وتوقع المعارض السوري رئيس المجلس الوطني السابق أن مؤتمر جنيف2 لن يعقد، لافتا إلى أن المعارضة ترغب في المشاركة من أجل تطبيق خارطة طريق وليس من أجل المطالبة بماذا نريد نحن وماذا يريد النظام، والخارطة غير جاهزة لذلك لا أعتقد أن يكتب له النجاح. والأيام المقبلة ستكون على صورة الأيام الراهنة، القتل والتهجير والتدمير مستمر، والعالم يتفرج، حتى تتخذ الدول الكبرى القرار الحاسم والنهائي بوضع حد لهذه المأساة.